فصل: مسألة (132): توضع اليمين على الشِّمال تحت الصَّدر، وهو قول الشَّافعيِّ.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


مسائل صفة الصَّلاة

مسألة ‏(‏125‏)‏‏:‏ يقومون إلى الصَّلاة عند ذكر الإقامة، ويكبرون إذا فرغ منها‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يقومون عند الحيعلة، ويكبرون عند ذكر الإقامة‏.‏

وقال الشافعي‏:‏ يقومون إذا فرغ من الإقامة‏.‏

وقد ذكر أصحابنا‏:‏ 633- أن ابن أبي أوفى روى عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان إذا قال بلال‏:‏ ‏(‏قد قامت الصَّلاة‏)‏ نهض‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث البيهقيُّ، وقال‏:‏ لا يرويه إلاَّ حجاج بن فروخ، وكان يحيى بن معين يضعفه‏.‏

وقال النَّسائيُّ أيضاً‏:‏ هو ضعيف O‏.‏

مسألة ‏(‏126‏)‏‏:‏ لا تنعقد الصَّلاة إلا بقوله‏:‏ الله أكبر

وقال أبو حنيفة‏:‏ تنعقد بكلِّ لفظٍ يقصد به التَّعظيم‏.‏

634- قال أحمد‏:‏ ثنا وكيع ثنا سفيان عن ‏[‏عبد الله بن محمد‏]‏ بن عَقيل عن محمد بن الحنفيَّة عن أبيه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏مفتاحُ الصَّلاة الطَُّهور، وتحريمُها التَّكبير، وتحليلُها التَّسليم‏"‏‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ هذا الحديث أصحُّ شيءٍ في هذا الباب وأحسن، وابن عَقيل صدوقٌ، إنَّما تكلَّم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، وكان أحمد وإسحاق والحميديُّ يحتجُّون بحديثه‏.‏

ز‏:‏ وروى هذا الحديث أبو داود وابن ماجه والتِّرمذيُّ وأبو يعلى الموصليُّ، وقد روي نحوه من غير وجهٍ O‏.‏

مسألة ‏(‏127‏)‏‏:‏ لا تنعقد الصَّلاة بقوله‏:‏ الله الأكبر‏.‏

وقال الشَّافعيُّ وداود‏:‏ تنعقد‏.‏

635- قال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا محمد بن المثنى ثنا يحيى بن سعيد ثنا عبد الحميد بن جعفر ثنا محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام إلى الصَّلاة اعتدل قائمًا ورفع يديه، ثم قال‏:‏ ‏"‏الله أكبر‏"‏‏.‏

636- وقد روى أصحابنا من حديث رفاعة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال‏:‏ ‏"‏لا يقبل الله صلاة امرئ حتى يضع الوضوء مواضعه، ثم يستقبل القبلة، ويقول‏:‏ الله أكبر‏"‏‏.‏

ز‏:‏ قد ذكر بعضهم أن أبا داود روى حديث رفاعة بهذا اللفظ، وإنما رواه بلفظ‏:‏ ‏"‏لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يتوضأ، فيضع الوضوء مواضعه، ثم يكبر، ويحمد الله جل وعز، ويثني عليه‏.‏‏.‏‏.‏‏"‏ الحديث‏.‏

وقد روى الحديث بطوله الطبراني فقال‏:‏

637- حدَّثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال، قال الطبراني‏:‏ وثنا محمد بن حيان المازني ثنا أبو الوليد الطََّيالسيُّ قالا‏:‏ ثنا همام أنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة حدَّثني علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمِّه رفاعة بن رافع- زاد أبو الوليد في حديثه‏:‏ وكان رفاعة ومالك أخوين من أهل بدر- قال‏:‏ بينما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس ينظر حوله، فإذا رجل فاستقبل القبلة، فصلَّى ركعتين- وقال حجاج في حديثه‏:‏ كنت جالسًا عند النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ جاء رجلٌ، فدخل المسجد، فصلَّى- فلما قضى صلاته جاء فسلم على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى القوم، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏وعليك، ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ‏"‏‏.‏

قال‏:‏ فرجع فصلِّى، فجعل يرمق صلاته، لا يدري ما يعيب منها، فلما قضى صلاته، جاء فسلم على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى القوم، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ارجع فصلِّ، فإنك لم تصلِّ‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وذكر ذلك إما مرتين وإما ثلاثًا‏.‏

فقال الرجل‏:‏ ما أدري ما عبت عليّ‏.‏

قال‏:‏ فقال النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إنه لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله، يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين، ثم يكبر الله ويحمده، ويقرأن من القرآن ما أذن الله له فيه وتيسر، ثم يكبر فيركع، فيضع كفيه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصله وتسترخي، ثم يقول‏:‏ سمع ‏[‏الله‏]‏ لمن حمده، فيستوي قائماً حتى يأخذ كل عظم مأخذه، ويقيم صلبه، ثم يكبر فيسجد فيمكن جبهته- قال همام‏:‏ وربما قال‏:‏ فيمكن وجهه- من الأرض حتى تطمئن مفاصله وتسترخي، ثم يكبر فيرفع رأسه، فيستوي قاعداً على مقعدته، ويقيم صلبه‏"‏‏.‏

فوصف الصَّلاة هكذا حتى فرغ، ثم قال‏:‏ ‏"‏لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك‏"‏‏.‏

واللفظ لحديث حجاج‏.‏

ورواه الطبراني أيضاً عن الدبري عن عبد الرَّزَّاق عن داود بن قيس عن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك الزرقي حدَّثني أبي عن عمِّه- وكان بدرياً-‏.‏

ورواه الإمام أحمد‏:‏ عن يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو عن علي بن يحيى بن خلاد الزرقي عن رفاعة بن رافع الزرقي- لم يقل عن أبيه-؛ وعن يحيى بن سعيد عن محمد بن عجلان عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمِّه- وكان بدريًّا-‏.‏

ورواه أبو داود‏:‏ عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن إسحاق ابن عبد الله بن أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد عن عمِّه؛ وعن الحسن بن علي الحلواني عن هشام بن عبد الملك وحجاج بن منهال عن همام عن إسحاق عن علي بن يحيى عن أبيه عن عمِّه؛ وعن وهب بن بقية عن خالد عن حماد عن محمد بن عمرو عن علي بن يحيى عن رفاعة؛ وعن عباد بن موسى عن إسماعيل بن جعفر عن يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع عن أبيه عن جدِّه عن رافع‏.‏

رواه التِّرمذيُّ عن علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر عن يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد الزرقي عن جدِّه عن رفاعة، ولم يقل‏:‏ عن أبيه‏.‏

وقال‏:‏ حديث حسن‏.‏

ورواه النَّسائيُّ عن علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر بإسناد عباد، وعن قتيبة عن بكر بن مضر عن ابن عجلان عن علي بن يحيى عن أبيه عن عمِّه- وكان بدريًّا-؛ وعن قتيبة عن الليث عن ابن عجلان، وعن سُويد عن عبد الله عن داود بن قيس، جميعًا عن عليِّ بن يحيى عن أبيه عن عمٍّ له‏.‏

وروى ابن ماجه بعضه عن محمد بن يحيى عن حجَّاج عن همَّام‏.‏

ورواه أبو حاتم البستيُّ عن جعفر بن أحمد بن سنان القطَّان عن أبيه وبندار عن يحيى بن سعيد القطَّان عن ابن عجلان بنحو‏.‏

وقد روى البخاريُّ حديثًا من رواية عليِّ بن يحيى عن أبيه عن رفاعة بن رافع O‏.‏

مسألة ‏(‏128‏)‏‏:‏ التَّكبير من الصَّلاة‏.‏

وقال الحنفيُّون‏:‏ ليس منها‏.‏

638- قال أحمد‏:‏ ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال‏:‏ حدَّثني الحجَّاج بن أبي عثمان قال‏:‏ حدَّثني يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم عن النَّبيِّ قال‏:‏ ‏"‏إنَّ هذه الصَّلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام النَّاس، إنَّما هي التَّسبيح والتَّكبير وقراءة القرآن‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلم‏.‏

احتجُّوا‏:‏ بقوله‏:‏ ‏"‏وتحريمها التَّكبير‏"‏، وقد سبق بإسناده‏.‏

قالوا‏:‏ فأضاف التَّحريم إلى الصَّلاة، والشيءُ لا يضاف إلى نفسه‏.‏

قلنا‏:‏ قد يضاف الجزء إلى الجملة، كقولهم‏:‏ دهليز الدَّار‏.‏

مسألة ‏(‏129‏)‏‏:‏ يسنُّ رفع اليدين عند الرُّكوع، وعند الرَّفع منه‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يسنُّ‏.‏

وعن مالك‏:‏ كالمذهبين‏.‏

لنا أحاديث‏:‏ 639- أحدها‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ ثنا سفيان عن الزُّهريِّ عن سالم عن أبيه قال‏:‏ رأيتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا افتتح الصَّلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وبعد ما يرفع رأسه من الركوع، ولا يرفع بين السجدتين‏.‏

أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

قال البخاريُّ‏:‏ قال عليُّ بن المدينيِّ- وكان أعلم أهل زمانه-‏:‏ حق على المسلمين أن يرفعوا أيديهم لهذا الحديث‏.‏

640- حديث آخر‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ ثنا هشام بن عبد الملك ثنا شعبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث قال‏:‏ كان النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كبر رفع يديه، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

641- حديث آخر‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا ‏[‏يونس بن محمد ثنا‏]‏ عبد الواحد ثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال‏:‏ استقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القبلة، فكبر ورفع يديه، حتى كانتا حذو منكبيه، فلما أراد أن يركع رفع يديه، حتى كانتا حذو منكبيه، فلما ركع وضع يديه على ركبتيه، فلما رفع رأسه من الركوع رفع يديه، حتى كانتا حذو منكبيه‏.‏

وقد روى هذه السُّنَّة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جماعة من الصحابة منهم‏:‏ عمر وعليٌّ وأبو موسى ومحمد بن مسلمة وأبو قتادة وابن عمر وابن عمرو وابن عباس وأبو سعيد وأبو أسيد وجابر وأنس وأبو هريرة وسهل بن سعد وابن الزُّبير وغيرهم، ولم يثبت عن أحدٍ من الصحابة أنَّه لم يرفع، وكان ابن عمر إذا رأى رجلاً لا يرفع يديه كلَّما خفض ورفع حصبه حتى يرفع‏.‏

642- وقال محمود بن إسحاق الخزاعيُّ‏:‏ ثنا البخاريُّ ثنا مسدَّد ثنا يزيد بن زُريع عن سعيد عن قتادة عن الحسن قال‏:‏ كان أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأنَّما أيديهم المراوح، يرفعونها إذا ركعوا، وإذا رفعوا رؤوسهم‏.‏

643- وقال عبد الرَّزَّاق‏:‏ أخذ أهل مكَّة رفع اليدين في الافتتاح والرُّكوع والرَّفع منه عن ابن جريج، وأخذه عن عطاء، وأخذه عطاء عن ابن الزُّبير، وأخذه ابن الزُّبير عن أبي بكر، وأخذه أبو بكر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

قالوا‏:‏ أحاديثكم منسوخة، صرَّح بذلك حديثان‏:‏ 644- أحدهما‏:‏ عن ابن عباس قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه كلَّما ركع وكلَّما رفع، ثُمَّ صار إلى افتتاح الصَّلاة، وترك ما سوى ذلك‏.‏

645- والثَّاني‏:‏ حديث ابن الزُّبير‏:‏ أنَّه رأى رجلاً يرفع يديه من الرُّكوع، فقال‏:‏ مَهْ، فإنَّ هذا شيءٌ فعله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تركه‏.‏

ثُمَّ لو لم ندَّع النَّسخ فهي معارضةٌ بستَّة أحاديث‏:‏ 646- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا وكيع عن سفيان عن عاصم بن كُليب عن عبد الرَّحمن بن الأسود عن علقمة قال‏:‏ قال عبد الله‏:‏ ألا أصلِّي بكم صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ فصلَّى فلم يرفع يديه إلا مرة‏.‏

646- طريقٌ آخرٌ‏:‏ أنا عبد الرَّحمن بن محمد القزاز أنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرني الحسن بن علي التميمي ثنا عمر بن أحمد الواعظ ثنا عمر بن عبد الله بن عمرو ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ثنا محمد بن جابر عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال‏:‏ صليت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومع أبي بكر وعمر، فلم يرفعوا أيديهم إلاَّ عند افتتاح الصَّلاة‏.‏

647- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا ابن صاعد ثنا لوين ثنا إسماعيل بن زكريا عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب أنه رأى النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين افتتح الصَّلاة رفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه، ثم لم يعد إلى شيء من ذلك حتى فرغ من صلاته‏.‏

648- الحديث الثَّالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان قال‏:‏ سمعت المسيب بن رافع يحدِّث عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه دخل المسجد فأبصر قوماً قد رفعوا أيديهم، فقال‏:‏ ‏"‏قد رفعوها كأنها أذناب الخيل الشمس، اسكنوا في الصَّلاة‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلم‏.‏

649- الحديث الرابع‏:‏ أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ عن أبي بكر بن خلف عن أبي عبد الرَّحمن محمد بن الحسن السلمي ثنا حامد بن عبد الله الواعظ ثنا علي بن محمد بن عيسى ثنا محمد بن عكاشة الكرماني ثنا المسيب بن واضح ثنا عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزُّهريِّ عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من رفع يديه في التكبير فلا صلاة له‏"‏‏.‏

ز‏:‏ 650- قال الحاكم في من يضع الحديث في الوقت‏:‏ وقيل لمحمد ابن عكاشة الكرماني‏:‏ إن قوماً عندنا يرفعون في الركوع وبعد رفع الرأس من الركوع‏.‏

فقال‏:‏ ثنا المسيب بن واضح ثنا عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزُّهريِّ عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من رفع يديه في الركوع فلا صلاة له ‏"‏ O‏.‏

651- الحديث الخامس‏:‏ حدثت عن حمد بن نصر أنا علي بن محمد ابن عبد الحميد أنا أبو بكر محمد بن علي بن لال ثنا عبيد الرَّحمن بن علي بن محمد الفقيه قال‏:‏ حدَّثني أبي ثنا المأمون بن أحمد السلمي ثنا المسيب بن واضح عن ابن المبارك عن يونس عن الزُّهريِّ عن سعيد عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من رفع يديه في الصَّلاة فلا صلاة له‏"‏‏.‏

652- الحديث السادس‏:‏ رووا عنه ابن عباس عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال‏:‏ ‏"‏لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن‏:‏ عند افتتاح الصَّلاة، وعند استقبال البيت، وعند الصفا والمروة، وعند الجمرتين، وعند الموقف‏"‏‏.‏

653- ورووا عن عمر أنه قال‏:‏ إن رفع اليدين في الصَّلاة بدعة‏.‏

654- وعن علي أنه كان يرفع يديه في أوَّل تكبيرة من الصَّلاة، ثم لا يرفع يديه بعده‏.‏

655- وعن مجاهد أنه قال‏:‏ صليت خلف ابن عمر سنتين، فلم يرفع يديه إلاَّ في التكبيرة الأولى‏.‏

قالوا‏:‏ وهذا يؤيد قولنا‏:‏ أن أحاديثكم منسوخة‏.‏

والجواب‏:‏ أن من شرط الناسخ أن يكون أقوى من المنسوخ‏.‏

وحديث ابن عباس وابن الزبير‏:‏ لا يعرفان أصلاً، والمحفوظ عنهما الرفع‏:‏ 656- فروى أبو داود من حديث ميمون المكي أنه رأى ابن الزبير- وصلَّى بهم-، يشير بكفيه‏:‏ حين يقوم، وحين يركع، وحين يسجد؛ قال‏:‏ فذهبت إلى ابن عباس فأخبرته بذلك، فقال‏:‏ إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاقتد بصلاة عبد الله بن الزُّبير‏.‏

657- روى طاوس عن ابن عباس أنه كان يرفع يديه في المواطن الثلاثة‏.‏

وأما أحاديث المعارضة‏:‏ فحديث ابن مسعود الأول‏:‏ قال فيه عبد الله بن المبارك‏:‏ لا يثبت هذا الحديث‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ ليس بصحيح‏.‏

وقال غيرهما‏:‏ لم يسمع عبد الرَّحمن من علقمة‏.‏

ويجوز أن يكون علقمة لم يضبط، وابن مسعود قد خفي عليه هذا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما خفي عليه غيره، مثل نسخ التَّطبيق‏.‏

وأمَّا طريقه الثَّاني‏:‏ فقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ تفرَّد به محمد بن جابر- وكان ضعيفًا- عن حمَّاد، و ‏[‏‏]‏ غير حمَّاد يرويه عن إبراهيم مرسلاً عن عبد الله من قوله غير مرفوع إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو الصَّواب‏.‏

قلت‏:‏ قال أحمد بن حنبل‏:‏ لا يحدِّث عن محمد بن جابر إلا من هو شرٌّ منه‏.‏

وقال يحيى‏:‏ ليس بشيء‏.‏

وأما حديث البراء‏:‏ ففيه‏:‏ يزيد بن أبي زياد، قال عليُّ بن المدينيِّ ويحيى بن معين‏:‏ هو ضعيف الحديث، لا يحتج به‏.‏

وقال ابن المبارك‏:‏ ارم به‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ إنما لقِّنَ يزيد في آخر عمره‏:‏ ‏(‏ثم لم يعد‏)‏ فتلقنه، وكان قد اختلط‏.‏

وكذا قال سفيان بن عيينة‏.‏

لقِّن يزيد هذا لما كبر‏.‏

قلت‏:‏ ويمكن أن يكون هذا من الراوي عنه، فإنه قد رواه عنه إسماعيل ابن زكريا ومحمد بن أبي ليلى، وقال أحمد‏:‏ إسماعيل ضعيفٌ‏.‏

ومحمد بن أبي ليلى‏:‏ ضعيفٌ مضطرب الحديث‏.‏

ويؤكد أن ذلك من الرواة‏:‏ 658- ما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا أبو بكر الآدميُّ ثنا عبد الله بن محمد بن أيُّوب ثنا عليُّ بن عاصم ثنا محمد بن أبي ليلى عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال‏:‏ رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قام إلى الصَّلاة فكبَّر، رفع يديه حتى ساوى بهما أذنيه، ثم لم يعد‏.‏

قال ‏[‏علي‏]‏‏:‏ فلما قدمت الكوفة قيل لي‏:‏ إن يزيد حيٌّ، فأتيته، فحدَّثني بهذا الحديث، قال‏:‏ حدَّثني عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن البراء قال‏:‏ رأيتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قام إلى الصَّلاة فكبَّر، ورفع يديه حتى ساوى بهما أذنيه‏.‏

فقلت‏:‏ إنه أخبرني ابن أبي ليلى أنك قلت‏:‏ ثم لم يعد‏.‏

قال‏:‏ لا أحفظ هذا‏.‏

فعاودته، فقال‏:‏ لا أحفظ هذا‏.‏

قال البخاريُّ‏:‏ وكذلك روى الحفاظ الذين سمعوا من يزيد قديماً، منهم‏:‏ الثوري وشعبة وزهير، ليس فيه‏:‏ ‏(‏ثم لم يعد‏)‏‏.‏

قال أبو داود‏:‏ ورواه هشيم وخالد وابن إدريس عن يزيد، ولم يذكروا فيه‏:‏ ‏(‏ثم لا يعود‏)‏‏.‏

659- وقد روى محمد بن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن الحكم عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن البراء قال‏:‏ رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع يديه حين افتتح الصَّلاة، ثم لم يرفعهما حتى انصرف‏.‏

وقد ذكرنا عن أحمد تضعيف محمد بن أبي ليلى، قال أبو داود‏:‏ وهذا الحديث ليس بصحيح‏.‏

وأما حديث جابر بن سمرة‏:‏ فإنه لم يرد به ما نحن فيه، وقد روي ذلك مفسراً‏:‏ 660- قال أحمد‏:‏ ثنا محمد بن عبيد ثنا مسعر عن عبيد الله بن القبطية قال‏:‏ سمعت جابر بن سمرة قال‏:‏ كنا نقول خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سلمنا‏:‏ السلام عليكم، السلام عليكم، يشير أحدنا بيده عن يمينه وشماله، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ما بال الذين يرمون بأيديهم في الصَّلاة كأنها أذناب الخيل الشمس، ألا يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه، ثم يسلم عن يمينه وشماله‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلم‏.‏

وأما حديث أنس‏:‏ ففيه محمد بن عكاشة، قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ كان يضع الحديث‏.‏

وأما حديث أبي هريرة‏:‏ ففيه مأمون، وكان كذّاباً، قال ابن حِبَّان‏:‏ كان دجّالاً من الدَّجّالين‏.‏

وأما حديث ابن عباس‏:‏ فلا يعرف مسنداً، إنما هو موقوف عليه، والمعروف عنه‏:‏ ترفع الأيدي في سبعة مواطن

ولا يصح ما حكوا عن عمر، ولا عن علي، ولا عن ابن عمر‏.‏

ثم أخبارنا مثبتة وأخبارهم نافية، فكانت أولى‏.‏

ز‏:‏ حديث وائل بن حجر‏:‏ رواه أبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه بنحو ما رواه أحمد‏.‏

وحديث ابن مسعود‏:‏ رواه أبو داود والنَّسائيُّ والتِّرمذيُّ، وقال‏:‏ حديثٌ حسنٌ‏.‏

وفي لفظٍ لأبي داود‏:‏ ألا أصلِّي بكم صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ قال‏:‏ فصلَّى فرفع يديه في أوَّل مرَّة‏.‏

وحديث البراء‏:‏ رواه الإمام أحمد وأبو داود‏.‏

661- وروى الدَّارَقُطْنِيُّ بإسناده عن جرير- وهو ابن عبد الحميد- عن حُصين بن عبد الرَّحمن قال‏:‏ دخلنا على إبراهيم، فحدَّثه عمرو بن مُرَّة قال‏:‏ صلَّينا في مسجد الحضرميين فحدَّثني علقمة بن وائل عن أبيه أنَّه رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه حين يفتتح، وإذا ركع، وإذا سجد‏.‏

فقال إبراهيم‏:‏ ما أرى أباه رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا ذلك اليوم الواحد، فحفظ عنه ذلك، وعبد الله لم يحفظ ذلك منه‏.‏

ثُمَّ قال إبراهيم‏:‏ إنَّما رفع اليدين عند افتتاح الصَّلاة‏.‏

قال أبو بكر بن إسحاق الفقيه‏:‏ هذه علَّةٌ لا تسوى سماعها، لأنَّ رفع اليدين قد صحَّ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ عند الخلفاء الرَّاشدين، ثُمَّ عن الصَّحابة والتَّابعين؛ وليس في نسيان عبد الله بن مسعود رفع اليدين ما يوجب أنَّ هؤلاء الصَّحابة لم يروا النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع يديه، قد نسي ابن مسعود من القرآن ما لم يختلف المسلمون فيه بعد- وهي المعوذتان-، ونسي ما اتفق العلماء كلُّهم على نسخه وتركه من التَّطبيق، ونسي كيف قيام اثنين خلف الإمام، ونسي ما لم يختلف العلماء فيه أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى الصُّبح يوم النَّحر في وقتها، ونسي كيفية جمع النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعرفة، ونسي ما لم يختلف العلماء فيه من وضع المرفق والسَّاعد على الأرض في السُّجود، ونسي كيف كان يقرأ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏{‏وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى‏}‏ ‏[‏الليل‏:‏ 3‏]‏، وإذا جاز على عبد الله أن ينسى مثل هذا في الصَّلاة خاصة، كيف لا يجوز مثله في رفع اليدين‏؟‏‏.‏

وقال البخاريُّ في كتاب ‏"‏ رفع اليدين ‏"‏ له‏:‏ قد روينا عن سبعة عشر نفسًا من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهم كانوا يرفعون أيديهم عند الرُّكوع، فمنهم‏:‏ أبو قتادة الأنصاريُّ وأبو أسيد السَّاعديُّ البدريُّ ومحمد بن مسلمة البدريُّ وسهل ابن سعد السَّاعديُّ وعبد الله بن عمر بن الخطََّاب وعبد الله بن عباس بن عبد المطََّلب الهاشميُّ وأنس بن مالك- خادم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو هريرة وعبد الله ابن عمرو بن العاص وعبد الله بن الزُّبير ووائل بن حُجْر ومالك بن الحويرث وأبو موسى الأشعريُّ وأبو حميد السَّاعديُّ رضي الله عنهم‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ وقد رويناه عن هؤلاء وعن أبي بكر الصِّدِّيق وعمر بن الخطََّاب وعليِّ بن أبي طالب وجابر بن عبد الله وعقبة بن عامر الجُهَنيِّ وعبد الله ابن جابر البياضي رضي الله عنهم‏.‏

وقد ذكر المؤلف فيما تقدم أن أكثر هؤلاء رووا الرفع عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد كتبنا الكلام على أحاديث هذا الباب- حديث ابن مسعود وغيره- مطولاً في غير هذا الموضع، وذكرنا علل ما روي عن علي وابن عمر وغيرهما من الرفع عند افتتاح الصَّلاة فقط، وذكرنا الجواب عما علل به الطحاوي أحاديث الرفع‏.‏

وما ذكره المؤلف في هذه المسألة من الاستدلال والجواب حسن، وإن كان عليه فيه مناقشات في غير موضع، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏130‏)‏‏:‏ ترفع اليد حذو المنكب‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ حيال الأذنين‏.‏

وعن أحمد‏:‏ التخيير في ذلك‏.‏

لنا‏:‏ ما تقدم من حديث ابن عمر وحديث وائل بن حجر، وقد رواه علي عليه السلام عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيره‏.‏

مسألة ‏(‏131‏)‏‏:‏ يسن وضع اليمين على الشمال، خلافاً لإحدى الروايتين عن مالك‏.‏

لنا أربعة أحاديث‏:‏

662- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا عبد الواحد ثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال‏:‏ أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت‏:‏ لأنظرن كيف يصلِّي‏.‏

قال‏:‏ فاستقبل القبلة، وكبر، ورفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه، ثم أخذ شماله بيمينه‏.‏

663- طريقٌ آخر‏:‏ قال مسلم بن الحجاج‏:‏ ثنا زهير بن حرب ثنا عفان ثنا همام ثنا محمد بن جحادة قال‏:‏ حدَّثني عبد الجبار بن وائل عن علقمة ابن وائل عن وائل بن حجر أنه رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع يديه حين دخل في الصَّلاة، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى‏.‏

664- الحديث الثَّاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا يحيى بن سعيد ثنا سفيان قال‏:‏ حدَّثني سماك عن قبيصة بن هلب عن أبيه قال‏:‏ رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع هذه على صدره‏.‏

ووصف يحيى‏:‏ اليمنى على اليسرى، فوق المفصل‏.‏

665- طريقٌ آخر‏:‏ قال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا قتيبة ثنا أبو الأحوص عن سماك ابن حرب عن قبيصة بن هلب عن أبيه قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يؤمنا، فيأخذ شماله بيمينه‏.‏

666- الحديث الثالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا أحمد بن عيسى بن السكين ثنا عبد الحميد بن محمد ثنا مخلد بن يزيد ثنا طلحة عن عطاء عن ابن عباس عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نمسك بأيماننا على شمائلنا في الصَّلاة‏"‏‏.‏

667- الحديث الرابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ و ثنا ابن صاعد ثنا زياد بن أيُّوب ثنا النضر بن إسماعيل عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أمرنا معاشر الأنبياء أن نضرب بأيماننا على شمائلنا في الصَّلاة‏"‏‏.‏

ز‏:‏ حديث هلب‏:‏ رواه ابن ماجه والدَّارَقُطْنِيُّ والتِّرمذيُّ‏.‏

وحديث ابن عباس‏:‏ فيه طلحة بن عمرو بن عثمان الحضرمي المكي، قال فيه أحمد بن حنبل‏:‏ لا شيء، متروك الحديث‏.‏

وقال يحيى بن معين‏:‏ ليس بشيء، ضعيف‏.‏

وتكلم فيه أيضاً البخاريُّ وأبو حاتم وأبو زرعة وأبو داود والجوزجاني والنَّسائيُّ وابن الجنيد والدَّارَقُطْنِيُّ وابن حِبَّان وابن عَدِيٍّ وغيرهم‏.‏

وحديث أبي هريرة‏:‏ فيه النضر بن إسماعيل وابن أبي ليلى، وليسا بقويين، قال ابن معين في النضر‏:‏ ليس بشيء‏.‏

وقال أبو زرعة والنَّسائيُّ‏:‏ ليس بالقوي‏.‏

668- وقد روى البخاريُّ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏ عن سهل بن سعد قال‏:‏ كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه في الصَّلاة‏.‏

قال أبو حازم‏:‏ لا أعلمه إلاَّ ينمي ذلك إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

669- وعن عبد الله بن مسعود أنه كان يصلِّي فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوضع يده اليمنى على اليسرى‏.‏

رواه أبو داود وابن ماجة والنَّسائيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ، واللفظ لأبي داود، وفي إسناده‏:‏ حجاج بن أبي زينب، وسيأتي الكلام عليه في الحديث الذي بعده‏.‏

670- وقد روى أحمد‏:‏ ثنا محمد بن الحسن الواسطي- يعني‏:‏ المزني- ثنا أبو يوسف- يعني‏:‏ ابن أبي زينب الصَّيقل- عن أبي سفيان عن جابر قال‏:‏ مرَّ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجلٍ يصلِّي، وقد وضع يده اليسرى على اليمنى، فانتزعها، ووضع اليمنى على اليسرى‏.‏

وقد رواه الدَّارَقُطْنِيُّ‏.‏

وأبو يوسف‏:‏ اسمه حجَّاج، قال فيه أحمد بن حنبل‏:‏ أخشى أن يكون ضعيف الحديث‏.‏

وقال ابن معين‏:‏ ليس به بأس‏.‏

وقال ابن المدينيِّ‏:‏ ضعيف‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ ليس بالقويِّ‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ أرجو أنَّه لا بأس به فيما يرويه‏.‏

وقد روى له مسلم في ‏"‏ صحيحه ‏"‏ حديثًا واحدًا‏.‏

671- وقد روى الطَّبرانيُّ‏:‏ ثنا عمر بن عبد العزيز بن مقلاص حدَّثني أبي ثنا ابن وهب عن معاوية بن صالح عن يونس بن سيف عن أبي راشد الحُبراني عن الحارث بن غطيف قال‏:‏ رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واضعًا يمينه على شماله في الصَّلاة‏.‏

رواه زيد بن الحباب وعبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن يونس ابن سيف عن الحارث بن غطيف- أو‏:‏ غطيف بن الحارث-، ولم يذكر أبا راشد الحُبراني‏.‏

وقد روى هذا الحديث أيضًا الإمام أحمد‏.‏

672- وقد روى أبو داود عن عبد الله بن الزُّبير قال‏:‏ صفُّ القدمين، ووضعُ اليد على اليد، من السُّنَّة O‏.‏

مسألة ‏(‏132‏)‏‏:‏ توضع اليمين على الشِّمال تحت الصَّدر، وهو قول الشَّافعيِّ‏.‏

وعن أحمد‏:‏ تحت السُّرَّة‏.‏

وعنه‏:‏ التَّخيير‏.‏

وما ذهبنا إليه أليق بالخشوع‏.‏

673- وقد رواه أصحابنا عن وائل بن حُجْر عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه كان يضعهما فوق السُّرَّة‏.‏

674- وقد روى عبد الله بن الإمام أحمد‏:‏ ثنا محمد بن سليمان لوين ثنا يحيى بن أبي زائدة ثنا عبد الرَّحمن بن إسحاق عن زياد بن زيد السُّوائيِّ عن أبي جحيفة عن علي قال‏:‏ إن من السنة في الصَّلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة‏.‏

وهذا لا يصح، قال أحمد‏:‏ عبد الرَّحمن بن إسحاق ليس بشيء‏.‏

وقال يحيى‏:‏ متروك‏.‏

ز‏:‏ زياد بن ‏[‏زيد‏]‏ السوائي‏:‏ قال فيه أبو حاتم‏:‏ مجهول‏.‏

675- وروى البيهقيُّ من رواية حفص بن غياث عن عبد الرَّحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول‏:‏ إن من سنة الصَّلاة وضع اليمنى على الشمال تحت السرة‏.‏

676- وقد روى أبو بكر بن خزيمة في ‏"‏ صحيحه ‏"‏ عن وائل بن حجر قال‏:‏ صليت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووضع يده اليمنى على اليسرى على صدره O‏.‏

مسألة ‏(‏133‏)‏‏:‏ يسنُّ الاستفتاح‏.‏

وقال مالك‏:‏ لا يسنُّ‏.‏

لنا‏:‏ أحاديث ستأتي فيما بعد هذه المسألة‏.‏

مسألة ‏(‏134‏)‏‏:‏ تستفتح الصَّلاة بـ ‏"‏ سبحانك اللهم وبحمدك‏"‏‏.‏

قال الشَّافعيُّ‏:‏ تستفتح بقوله‏:‏ ‏"‏وجَّهت وجهي‏"‏‏.‏

لنا‏:‏ أنَّ ما اخترناه قد رواه جماعة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم عمر بن الخطَّاب‏:‏ 677- فروى الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا عثمان بن جعفر بن محمد ثنا محمد بن نصر المروزيُّ ثنا عبد الله بن شبيب قال‏:‏ حدَّثني إسحاق بن محمد عن عبد الرَّحمن بن عمرو بن شيبة عن أبيه عن نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطَّاب قال‏:‏ كان النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كبَّر للصَّلاة قال‏:‏ ‏"‏سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدُّك، ولا إله غيرك‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ رفعه هذا الشَّيخ- يعني‏:‏ عبد الرَّحمن بن عمرو-، والمحفوظ عن عمر من قوله‏.‏

قلنا‏:‏ عبد الرَّحمن ثقةٌ، قد أخرج عنه البخاري في ‏"‏ صحيحه ‏"‏؛ ومن وقفه على عمر فقد سمع عمر يقوله، وإنَّما كان يقوله اقتداء برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

ز‏:‏ عبد الله بن شبيب‏:‏ تكلَّم فيه غير واحدٍ‏.‏

وإسحاق‏:‏ روى عنه البخاريُّ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏، وله مناكير‏.‏

وعبد الرَّحمن بن عمرو‏:‏ غير معروفٍ، ولم يرو له البخاريُّ‏.‏

والصَّحيح أنَّ عمر كان يقول ذلك‏:‏ 678- فروى مسلمٌ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏‏:‏ ثنا محمد بن مهران الرَّازيُّ ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعيُّ عن عَبْدَة أنَّ عمر بن الخطََّاب كان يجهر بهؤلاء الكلمات، يقول‏:‏ سبحانَك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدُّك، ولا إله غيرك‏.‏

وهو منقطع، فإنَّ عَبْدَة- وهو ابن أبي لُبابة- لم يدرك عمر، وإنَّما رواه مسلم لأنَّه سمعه مع حديث غيره، فرواهما جميعًا، وإن لم يكن هذا على شرطه‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ رواه إبراهيم عن علقمة والأسود عن عمر، وكذلك رواه يحيى بن أيوب عن عمر بن شيبة عن نافع عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنه من قوله، وهو الصواب‏.‏

وقد رواه الإمام أحمد من رواية علقمة والأسود وأبي وائل وغيرهم عن عمر‏.‏

وقد روى سعيد في ‏"‏ سننه ‏"‏ عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان يستفتح بذلك‏.‏

ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ بإسناده عن أبي بكر بن عياش عن عاصم عن أبي وائل عن عثمان‏.‏

ورواه ابن المنذر عن عبد الله بن مسعود‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ وروي في الاستفتاح بـ ‏"‏ سبحانك اللهم وبحمدك ‏"‏ حديث آخر عن ليث عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه مرفوعاً، وليس بالقوي،

وأصح ما روي فيه الأثر الموقوف على عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏.‏

ثم رواه من رواية شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عمر O‏.‏

ومنهم أنس بن مالك‏:‏

679- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا ابن صاعد ثنا الحسين بن علي بن الأسود ثنا محمد بن الصلت ثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا افتتح الصَّلاة كبر، ثم رفع يديه حتى يحاذي بإبهاميه أذنيه، ثم يقول‏:‏ ‏"‏سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله ‏[‏غيرك‏]‏‏"‏‏.‏

هذا إسناد كلهم ثقات‏.‏

ز‏:‏ الحسين بن علي بن الأسود‏:‏ قال المروذي‏:‏ سئل عنه أحمد بن حنبل، فقال‏:‏ لا أعرفه‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ صدوق‏.‏

وقال ابن عدي‏:‏ يسرق الحديث، وأحاديثه لا يتابع عليها‏.‏

وقال الأزدي‏:‏ ضعيف جدًّا، يتكلمون في حديثه‏.‏

وذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثِّقات ‏"‏ وقال‏:‏ ربما أخطأ O‏.‏

ومنهم أبو سعيد الخدري‏:‏

680- قال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا محمد بن موسى البصريُّ ثنا جعفر بن سليمان الضُّبَعِيُّ ثنا عليُّ بن عليٍّ الرِّفاعيُّ عن أبي المتوكِّل عن أبي سعيد الخدريِّ قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام إلى الصَّلاة بالليل كبَّر، ثمَّ يقول‏:‏ ‏"‏سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدُّك، ولا إله غيرك‏"‏‏.‏

ثُمَّ يقول‏:‏ ‏"‏أعوذ بالله السَّميع العليم من الشَّيطان الرَّجيم من هَمْزِهِ ونَفْخِه ونَفْثِه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ ورواه ا لإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والنَّسائيُّ‏.‏

وقال التِّرمذيُّ‏:‏ قد تُكلِّم في إسناد حديث أبي سعيد، كان يحيى بن سعيد يتكلَّم في عليِّ بن عليٍّ‏.‏

وقال‏:‏ قال أحمد‏:‏ لا يصحُّ هذا الحديث‏.‏

وقال حرب بن إسماعيل عن أحمد بن حنبل‏:‏ عليُّ بن عليٍّ الرِّفاعيُّ لم يكن به بأسٌ‏.‏

وقال عثمان بن سعيد عن يحيى بن معين‏:‏ ثقةٌ‏.‏

وقال ابن أبي حاتم‏:‏ سألتُ أبي عن عليِّ بن عليٍّ الرِّفاعيِّ، فقال‏:‏ ليس بحديثه بأسٌ‏.‏

قلت‏:‏ يحتجُّ بحديثه‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

ثُمَّ قال‏:‏ حدَّث وكيعٌ عنه، قال‏:‏ ثنا عليُّ ابن علي وكان ثقة‏.‏

وقال أبو زرعة‏:‏ ثقة‏.‏

وقال أبو داود في هذا الحديث‏:‏ يقولون هو عن علي بن علي عن الحسن رحمه الله، الوهم من جعفر‏.‏

وقال عبد الله بن أحمد‏:‏ حديث أبي سعيد- حديث علي بن علي- لم ‏[‏يحمد‏]‏ أبي إسناده‏.‏

وقال عبد الله‏:‏ لم يروه إلاَّ جعفر بن سليمان عن علي بن علي عن أبي المتوكل‏.‏

وقال المروذي‏:‏ سألت أبا عبد الله عن استفتاح الصَّلاة، فقال‏:‏ نذهب فيه إلى حديث عمر، وقد روي فيه من وجوه ليست بذاك O‏.‏

ومنهم عائشة‏:‏ 681- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا محمد بن يحيى بن مرداس ثنا أبو داود ثنا الحسين بن عيسى ثنا طلق بن غنام ثنا عبد السلام بن حرب عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا استفتح الصَّلاة قال‏:‏ ‏"‏سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك‏"‏‏.‏

فإن قال الخصم‏:‏ قد قال أبو داود‏:‏ لم يروه عن عبد السلام غير طلق ابن غنَّام، وليس هذا الحديث بالقويِّ‏.‏

قلنا‏:‏ طلق‏:‏ ثقةٌ، قد أخرج عنه البخاريُّ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏، وليس لتضعيفه وجهٌ‏.‏

وقد روى التِّرمذيُّ حديث عائشة هذا من طريق حارثة بن أبي الرِّجال عن عَمْرَةَ عن عائشة، وقال‏:‏ لا يعرف إلا من هذا الوجه‏.‏

وقد ذكرناه من غير ذلك الوجه، ونحن لا نرتضي طريق حارثة، فإنَّه ضعيفٌ عند الكلِّ‏.‏

ز‏:‏ حديث عائشة من رواية عبد السَّلام‏:‏ رواه التِّرمذيُّ وابن ماجه وأبو داود، وقال‏:‏ هذا الحديث ليس بالمشهور عن عبد السَّلام، لم يروه إلا طَلْق بن غَنَّام، وقد روى قصَّة الصَّلاة جماعةٌ غير واحد عن بُدَيل بن ميسرة، لم يذكروا فيه شيئًا من هذا‏.‏

ورواه الحاكم وقال‏:‏ على شرطهما‏.‏

وقال محمد بن سعد‏:‏ طلق بن غَنَّام ثقةٌ‏.‏

وقال أبو عبيد الآجريُّ عن أبي داود‏:‏ صالح‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ روى حديثًا منكرًا‏.‏

وذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثِّقات ‏"‏، وقد روى له الجماعة إلا مُسلمًا‏.‏

وقد روى الحديث من طريق حارثة‏:‏ الإمام أحمد- وضعَّفه- وابن ماجه والحاكم- وصحَّحه- والبيهقيُّ- وضعَّفه أيضًا-‏.‏

682- وقد روي عن المعافى بن عمران عن عبد الله بن عامر الأسلميِّ عن ابن المنكدر عن ابن عمر قال‏:‏ كان النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا استفتح الصَّلاة قال‏:‏ ‏"‏وجَّهت وجهي للذي فطر السَّموات‏.‏

- إلى قوله‏:‏- وأنا من المسلمين، سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدُّك، ولا إله غيرك‏"‏‏.‏

عبد الله بن عامر‏:‏ ضعَّفوه‏.‏

683- وقال البيهقيُّ‏:‏ أنا أبو الحسن بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصَّفَّار ثنا ابن ناجية ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوجازنيُّ ثنا عبد السَّلام بن محمد الحمصيُّ ثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة أنَّ أباه حدَّثه أنَّ محمد بن المنكدر أخبره أنَّ جابر ابن عبد الله أخبره أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا استفتح الصَّلاة قال‏:‏ ‏"‏سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدُّك، ولا إله غيرك، وجَّهت وجهي للذي فطر السَّموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربِّ العالمين‏"‏‏.‏

وهذا الحديث والذي قبله فيهما الجمع بين الاستفتاحين، والله أعلم O‏.‏

احتجُّوا بحديثين‏:‏ 684- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا أبو سعيد- مولى بني هاشم- ثنا عبد العزيز بن عبد الله الماجشون ثنا عبد الله بن الفضل الهاشميُّ عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن عليِّ بن أبي طالب أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا كبَّر استفتح، ثُمَّ قال‏:‏ ‏"‏وجَّهت وجهي للذي فطر السَّموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أوَّل المسلمين‏"‏‏.‏

685- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا أحمد بن محمد بن زياد القطان ثنا عبد الكريم بن الهيثم ثنا يزيد بن عبد ربه ثنا شريح بن يزيد عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا استفتح الصَّلاة قال‏:‏ ‏"‏إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أوَّل المسلمين، اللهم اهدني لأحسن الأخلاق وأحسن الأعمال، لا يهدي لأحسنها إلاَّ أنت، وقني سيء الأخلاق والأعمال، لا يقي سيئها إلاَّ أنت‏"‏‏.‏

والجواب‏:‏ أن هذه أدعية قد كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولها في وقت، أو في أوَّل الأمر، أو في النافلة، أو بعد الاستفتاح؛ وإنما الكلام في المسنون الذي يداوم عليه، ويوضح هذا‏:‏ أن ما ذكروه من حديث علي عليه السلام طرف منه‏.‏

686- قال الإمام أحمد‏:‏ ثنا أبو سعيد ثنا عبد العزيز بن عبد الله الماجشون ثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا كبر استفتح، ثم قال‏:‏ ‏"‏وجهت وجهي للذي فطر السَّموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرتُ وأنا من المسلمين، لا إله إلاَّ أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، لا يغفر الذُّنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنِّي سيئها، لا يصرف سيئها إلا أنت، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك‏"‏‏.‏

وكان إذا ركع قال‏:‏ ‏"‏اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخِّي وعظامي وعَصَبي‏"‏‏.‏

وإذا رفع رأسه من الرَّكعة قال‏:‏ ‏"‏سمع الله لمن حمده، ربَّنا ولك الحمد، ملء السَّموات والأرض وما بينهما، وملء ما شئت من شيءٍ بَعْدُ‏"‏‏.‏

وإذا سجد قال‏:‏ ‏"‏اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوَّره فأحسن صوره، وشق سمعه وبصره، فتبارك الله أحسن الخالقين‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

وقد اتفقنا أنَّه لا يسنُّ قول هذا كلِّه في الاستفتاح، فدلَّ على ما سبق من الاحتمالات‏.‏

ز‏:‏ حديث جابر‏:‏ رواه النَّسائيُّ عن عمرو بن عثمان عن أبي حيوة شُريح بن يزيد عن شُعيب‏.‏

وسئل عنه الدَّارَقُطْنِيُّ فقال‏:‏ رواه أبو حيوة شُريح بن يزيد الحضرميُّ عن شُعيب عن ابن المنكدر عن جابر عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وغيره يرويه عن شُعيب عن ابن المنكدر عن عبد الرَّحمن الأعرج عن محمد بن مسلمة‏.‏

والمحفوظ عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب‏.‏

وحديث علي‏:‏ رواه مسلم بطوله، وزاد فيه ألفاظاً O‏.‏

مسألة ‏(‏135‏)‏‏:‏ يتعوذ قبل القراءة

وقال مالك‏:‏ لا يتعوذ في المكتوبة‏.‏

لنا‏:‏ حديث أبي سعيد أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتعوذ، وقد تقدم بإسناده في مسألة الاستفتاح‏.‏

احتج الخصم‏:‏ 687- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا محمَد بن عثمان الصيدلاني ثنا عبيد ابن عبد الواحد ثنا هشام بن عمار ثنا الوليد ثنا الأوزاعي عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن أنس قال‏:‏ كنا نصلِّي خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بأم القرآن فيما يجهر به‏.‏

وفي لفظ أخرج في ‏"‏ الصَّحيحين ‏"‏‏:‏ كانوا يفتتحون الصَّلاة بالحمد لله رب العالمين‏.‏

والجواب‏:‏ أن هذا لا حجة فيه، لأن المراد أنهم كانوا يستفتحون القراءة بهذا، يدل عليه‏:‏ 688- ما روى أحمد‏:‏ ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ هذا حديث صحيح‏.‏

وقال الشَّافعيُّ‏:‏ ‏[‏المعنى‏:‏‏]‏ إنهم كانوا يفتتحون بهذه قبل قراءة السورة‏.‏

ز‏:‏ 689- عن أنس أن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصَّلاة بالحمد لله رب العالمين‏.‏

رواه البخاري بهذا اللفظ O‏.‏

مسألة ‏(‏136‏)‏‏:‏ يقرأ بعد التعوذ البسملة سرًّا

وقال مالك‏:‏ لا يقرأها‏.‏

690- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا إبراهيم بن حماد بن إسحاق قال‏:‏ حدَّثني أخي محمد بن حماد ثنا سليمان بن عبد العزيز بن أبي ثابت ثنا عبد الله بن موسى ابن عبد الله بن حسن عن أبيه عن جدِّه عبد الله بن حسن بن الحسن عن أبيه عن الحسن بن علي عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ‏:‏ ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ في صلاته‏.‏

وقد احتجوا‏:‏ بالحديث المتقدم‏:‏ ‏(‏كان يفتتح القراءة بالحمد‏)‏ معناه‏:‏ فيما يجهر به‏.‏

ز‏:‏ حديث عليٍّ‏:‏ قال فيه الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ هذا إسناد علوي لا بأس به‏.‏

وقال شيخنا أبو الحجاج‏:‏ لا تقوم به حجة، وسليمان لا أعرفه‏.‏

691- روى الطبرانيُّ‏:‏ ثنا عبد الله بن وهيب الغزي ثنا محمد بن أبي السري ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن عن أنس أن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسر بـ ‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم ‏"‏ وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما‏.‏

ورواه أبو جعفر محمد بن عبد الرَّحمن الأرزناني- قال الراوي عنه‏:‏ الثقة المأمون- عن عبد الله بن وهيب بإسناده مثله O‏.‏

مسألة ‏(‏137‏)‏‏:‏ البسملة ليست آية من كل سورة، وهل هي آية من الفاتحة‏؟‏ على روايتين‏.‏

وقال الشَّافعيُّ‏:‏ هي من الفاتحة؛ ومن بقية السور- على قولين-‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ الحديث الأوَّل‏:‏ حديث أنس أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين‏.‏

وقد سبق بإسناده‏.‏

692- الحديث الثَّاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا إسحاق أنا مالك عن العلاء بن عبد الرَّحمن أنه سمع أبا السائب- مولى هشام بن زهرة- يقول‏:‏ سمعت أبا هريرة يقول‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏قال الله تعالى‏:‏ قسمت الصَّلاة بيني وبين عبدي نصفين‏"‏‏.‏

قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏يقول العبد‏:‏ الحمد لله رب العالمين، يقول الله‏:‏ حمدني عبدي‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلم‏.‏

ز‏:‏ قد تكلم بعض المتأخرين في هذا الحديث، وقال‏:‏ ولا يغتر بكونه في ‏"‏ صحيح مسلم‏"‏، فإنه من رواية العلاء بن عبد الرَّحمن وقد ضعفه يحيى بن معين‏.‏

وكلامه في هذا الحديث ليس بشيء، فإن العلاء‏:‏ صدوق مشهور، وقد وثقه جماعة من الأئمة، كالإمام أحمد بن حنبل، وقال‏:‏ لم نسمع أحدًا ذكر العلاء بشر‏.‏

وقال‏:‏ العلاء عندي فوق سهيل‏.‏

والذي تكلم في هذا الحديث قد احتج بجماعة مشهورين بالضعف، كعبد الله بن عمرو بن حسان وعمر بن هارون البلخي وغيرهما O‏.‏

693- الحديث الثَّالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن قتادة عن عباس الجُشَميِّ عن أبي هريرة عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال‏:‏ ‏"‏إن سورة من القرآن، ثلاثون آية، شفعت لرجل حتى غفر له، وهي‏:‏ ‏(‏تبارك الذي بيده الملك‏)‏‏"‏‏.‏

ولا يختلف العادون أنها ثلاثون من غير البسملة‏.‏

ز‏:‏ ورواه أبو داود والتِّرمذيُّ- وحسنه- وابن ماجه والنَّسائيُّ في ‏"‏ اليوم والليلة ‏"‏ والحاكم- وصححه- وابن حِبَّان في ‏"‏ صحيحه‏"‏‏.‏

و ‏[‏عباس‏]‏ الجشمي‏:‏ يقال‏:‏ إنه ‏[‏عباس‏]‏ بن عبد الله، ذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثِّقات ‏"‏، ولم يرو له غير هذا الحديث O‏.‏

أما حجتهم‏:‏ فقد روى لهم الدَّارَقُطْنِيُّ والخطيب، تلخيصها في ستّةٍ‏:‏ 694- الأوَّل‏:‏ عن أبي هريرة عن النّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال‏:‏ ‏"‏إذا قرأتم الحمد، فاقرؤوا‏:‏ ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏، إنها أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني، و ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ إحدى آياتها‏"‏‏.‏

وفي لفظ عن أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يقول‏:‏ ‏"‏‏(‏الحمد لله رب العالمين‏)‏ سبع آيات، إحداهن بسم الله الرحمن الرحيم‏"‏‏.‏

وفي لفظ عن أبي هريرة عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال‏:‏ ‏"‏بسم الله الرحمن الرحيم هي أم القرآن، وهي أم الكتاب، وهي السبع المثاني‏"‏‏.‏

695- الحديث الثَّاني‏:‏ عن أبي هريرة أيضاً عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏قال الله تعالى‏:‏ إني قسمت الصَّلاة بيني وبين عبدي، يقول عبدي إذا افتتح الصَّلاة‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم، فيذكرني عبدي، ثم يقول‏:‏ الحمد لله رب العالمين، فأقول‏:‏ حمدني عبدي‏"‏‏.‏

696- الحديث الثَّالث‏:‏ من رواية طلحة بن عبد الله عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال‏:‏ ‏"‏من ترك بسم الله الرحمن الرحيم فقد ترك آية من كتاب الله‏"‏‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏وقد عد فيما عد علي من أم الكتاب‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏"‏‏.‏

697- الحديث الرابع‏:‏ عن ابن عباس قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفتتح الصَّلاة بـ ‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏"‏‏.‏

يقول‏:‏ من تركها فقد ترك آية من كتاب الله تعالى من أفضلها‏.‏

وقد رواه ابن عمر عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان إذا افتتح الصَّلاة يبدأ بـ ‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏"‏‏.‏

698- الحديث الخامس‏:‏ عن بريدة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا أخرج من المسجد أخبرك بآية- أو‏:‏ بسورة- لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري‏"‏‏.‏

فمشى، وتبعته حتى انتهى إلى باب المسجد، فأخرج رجله وبقيت الأخرى، فقلت‏:‏ أنسي‏؟‏ فأقبل عليّ بوجهه، فقال‏:‏ ‏"‏بأي شيء تفتتح القرآن إذا افتتحت الصَّلاة‏؟‏‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ ببسم الله الرحمن الرحيم‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏هي، هي‏"‏‏.‏

ثم خرج‏.‏

هكذا رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، وفي رواية الخطيب‏:‏ ‏"‏أنزل عليّ الليلة آية لم تنزل على نبي غير سليمان وغيري، وهي‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏"‏‏.‏

699- الحديث السادس‏:‏ عن أم سلمة قالت‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ‏:‏ ‏"‏بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين‏.‏

‏"‏ قطعها آية آية، وعدّ ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ آية‏.‏

والجواب‏:‏ أما الحديث الأول‏:‏ فيرويه أبو بكر الحنفي عن عبد الحميد بن جعفر عن نوح بن أبي بلال، وكان يحيى بن سعيد والثوري يضعفان عبد الحميد‏.‏

قال أبو بكر الحنفي‏:‏ لقيت نوحاً فحدَّثني به موقوفاً على أبي هريرة‏.‏

وأما اللفظ الثَّاني‏:‏ فعبد الحميد يرويه أيضاً‏.‏

والمراد باللفظ الثَّالث‏:‏ تعريف الفاتحة بما لا تنفك عنه في الغالب وهو البسملة‏.‏

وأما الحديث الثاني‏:‏ فتفرد به عبد الله بن زياد بن سمعان عن العلاء، وقد أجمعوا على ترك حديثه، وقال مالك‏:‏ كان كذّاباً‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ قد روى هذا الحديث جماعة من الثقات عن العلاء، منهم‏:‏ مالك وابن جريج وابن عيينة وغيرهم، ولم يذكر أحدٌ منهم‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏

هكذا قال الدَّارَقُطْنِيُّ عقيب روايته للحديث‏.‏

وأما الخطيب فإنه احتج به، وظن أن الأمر ‏[‏‏]‏ يخفى فيه‏.‏

وأما الحديث الثَّالث‏:‏ فيرويه سليم بن مسلم المكي، قال يحيى بن معين‏:‏ ليس بثقة‏.‏

وأما الرابع‏:‏ فلفظه الأول‏:‏ ‏[‏‏]‏ يرويه حماد بن أبي سليمان، وقد كذّبه مغيرة‏.‏

ولفظه الثاني‏:‏ يرويه بحر السقاء، قال يحيى‏:‏ ليس بشيء، لا يكتب حديثه‏.‏

وأما لفظ ابن ‏[‏عمر‏]‏‏:‏ فيرويه عبد الرَّحمن بن عبد الله العمري عن أبيه، قال أحمد‏:‏ سمعت منه وتركت حديثه، وكان كذّاباً‏.‏

وقال يحيى‏:‏ هو وأبوه ضعيفان‏.‏

على أنه لا حجة في الحديث، لأن البداية بها لا تدل على أنها منها‏.‏

وأما الخامس‏:‏ فلفظه الأول‏:‏ يرويه سلمة بن صالح الأحمر عن يزيد أبي خالد عن عبد الكريم أبي أمية؛ فأما سلمة وعبد الكريم فقال أحمد ويحيى‏:‏ ليسا بشيء‏.‏

قال النَّسائيُّ‏:‏ ويزيد متروك الحديث‏.‏

وأما لفظ حديث الخطيب‏:‏ فيرويه حفص بن سليمان، قال يحيى‏:‏ ليس بثقة‏.‏

وقال أحمد‏:‏ هو متروك الحديث‏.‏

وأما السادس‏:‏ فيرويه عمر بن هارون البلخي عن ابن جريج، قال يحيى‏:‏ ليس بشيء‏.‏

ز‏:‏ حديث ابن عباس‏:‏ ذكر المؤلف أن حماد بن أبي سليمان رواه، وإنما رواه إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان، وقد وثقه ابن معين- في رواية إسحاق بن منصور-، وقال أبو حاتم‏:‏ شيخ يكتب حديثه‏.‏

وقال الأزدي‏:‏ يتكلمون فيه‏.‏

700- قال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا أحمد بن عبدة ثنا المعتمر بن سليمان حدَّثني إسماعيل بن حماد عن أبي خالد عن ابن عباس قال‏:‏ كان النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفتتح صلاته بـ ‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏"‏‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ ليس إسناده بذاك‏.‏

وأبو خالد‏:‏ قيل‏:‏ هو الوالبي الكوفي، واسمه‏:‏ هرمز، ويقال‏:‏ هرم؛ قال أبو حاتم‏:‏ صالح الحديث‏.‏

وذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثِّقات‏"‏‏.‏

وقال ابن أبي حاتم في ‏"‏ الكنى ‏"‏‏:‏ أبو خالد‏:‏ روى عن ابن عباس، روى عنه إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان‏.‏

سمعت أبي يقول ذلك، وسئل أبو زرعة عن أبي خالد الذي روى عن ابن عباس عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجهر بـ ‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏"‏، روى عنه إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان‏.‏

قال‏:‏ لا أدري من هو، لا أعرفه‏.‏

كذا ذكر ابن أبي حاتم في ‏"‏ الكنى ‏"‏ ترجمة أبي خالد هذا، وذكر في ‏"‏ الأسماء ‏"‏ ترجمة أبي خالد ‏[‏الوالبي‏]‏، وسمّاه‏:‏ هرمز‏.‏

وقال العقيلي في إسماعيل‏:‏ حديثه غير محفوظ ويحكيه عن مجهول‏:‏ 701- حدَّثناه عليُّ بن عبد العزيز ثنا محمد بن عبد الله الرقاشي ثنا معتمر بن سليمان عن إسماعيل بن حماد عن أبي خالد عن ابن عباس أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يستفتح الصَّلاة بـ ‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏"‏‏.‏

702- وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ ثنا خالد بن النضر القرشي ثنا يحيى بن حبيب ابن عربي ثنا معتمر حدَّثني إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان عن أبي خالد عن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفتتح الصَّلاة بـ ‏"‏ بسم الله‏"‏‏.‏

قال ابن عَدِيٍّ‏:‏ كذا قال لنا خالد بن النضر ‏(‏إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان‏)‏‏.‏

703- وحدَّثنا موسى بن هارون التوزي ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا معتمر قال‏:‏ سمعت إسماعيل بن حماد يحدِّث عن عمران بن خالد عن ابن عباس أن نبيَّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ‏:‏ ‏"‏بسم الله الرحمن الرحيم‏"‏‏.‏

قال ابن عَدِيٍّ‏:‏ وهذا الحديث لا يرويه غير معتمر، وهو غير محفوظ، سواء قال‏:‏ عن أبي خالد، أو عن عمران بن خالد، جميعاً مجهولين‏.‏

وحديث أم سلمة‏:‏ رواه ابن خزيمة في ‏"‏ مختصر المختصر ‏"‏ عن الصاغاني عن خالد بن خداش عن عمر بن هارون عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة، ورواه الحاكم وقال‏:‏ عمر بن هارون أصل في السنة، ولم يخرجاه‏.‏

وقد قال ابن مهديٍّ وأحمد والنَّسائيُّ‏:‏ عمر متروك الحديث‏.‏

وقال يحيى‏:‏ كذَّابٌ خبيثٌ‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ غير ثقة‏.‏

وتكلم فيه آخرون‏.‏

وما ذكره المؤلف عن النَّسائيِّ أنه قال في يزيد بن أبي خالد ‏(‏متروك الحديث‏)‏ وَهْمٌ، فإن قول النَّسائيِّ إنما هو في يزيد بن عبد الملك النوفلي، وقد قيل‏:‏ إن كنيته أبو خالد، وهو غير راوي هذا الحديث‏.‏

وأما راوي هذا الحديث‏:‏ فيحتمل أن يكون‏:‏ هو الدالاني، وهو صدوق لا بأس به، وثقه أبو حاتم الرازي وغيره، وتكلم فيه ابن حِبَّان، لكن أخطأ في ترجمته خطأ نبهنا عليه في موضع آخر‏.‏

ويحتمل أن يكون‏:‏ غير الدالاني، وهو أشبه، وهو غير مشهور؛ و ‏(‏يزيد أبو خالد‏)‏ جماعة، ذكرهم ابن أبي حاتم وغيره، وهم متقاربون في الطبقة، والله أعلم O‏.‏